
رجحّت جهات إسرائيلية أنّ خطة نقل سكان قطاع غزة ما هي إلّا مجرد بالون اختبار، داعية إلى مواصلة العمل على إعادة الأسرى الإسرائيليين في أسرع وقت، على أنْ يقوم جيش الاحتلال لاحقًا بـ”الانتقام من وحوش حماس”.
وقال الكاتب في صحيفة (معاريف)، يوسي هدار، إنّه “مع مرور الساعات منذ الانفجار الكبير في البيت الأبيض، حيث أعلن ترامب عن السيطرة الأمريكية على غزة قائلاً: ستكون لنا، وأكّد مرة أخرى أنّه يجب إخراج جميع الغزيين من غزة ونقلهم إلى مكان جميل، بينما تتصاعد بورصة الأسماء للدول التي قد تستقبل الفلسطينيين”.
وأضاف هدار في مقال له أنّه “بخلاف الأردن ومصر اللتين ذكرهما ترامب، هناك أسماء أخرى تُطرَح في الهواء، مثل ألبانيا، بونتلاند، وصوماليلاند، وما إلى ذلك، وإذا سألت الغزيين أنفسهم، فإنّ البعض يضحك في وجه ترامب، وآخرون يقولون: تفضل إذا كان لا بدّ من النقل، فليكن بأسلوبٍ راقٍ إلى السويد أو إنجلترا أو كندا”.
وأوضح أنّه “في إسرائيل، رغم كلمة الترانسفير الجارحة، لا يوجد تقريبًا مَنْ يعارض بشدةٍ فكرة إخراج غزة من حياتنا نهائيًا، خاصة بعد السابع من أكتوبر، والإسرائيليون الذين عاشوا بعد المجزرة غاضبون، ويعتقدون أنّه يجب على الفلسطينيين دفع الثمن غاليًا، ومن جانبهم يتمنون أنْ يختفي الفلسطينيون في الضفة الغربية أيضًا”.
على صلةٍ بما سلف، نشر كاتبٌ إسرائيليٌّ مقالاً شرح فيه أسباب إطلاق ترامب لخطته بشأن قطاع غزة.
وقال الكاتب أورييل داسكال في مقال بموقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ إنّ الجميع يتحدث اليوم عن اقتراح ترامب بشأن الاستيلاء على غزة ونقل 1.8 مليون فلسطيني، لكن الحقيقة أنّ هذا هو بالضبط ما يريده ترامب وهو: تحويل الأنظار عمّا يحدث في واشنطن..
الكاتب أوضح أنّ كلّ شيءٍ يسير وفقًا لخطة ستيف بانون، مستشار ترامب السابق، الذي وصف استراتيجيته الإعلامية بأنّها “إطلاق النار بأسرع معدلٍ”، حيث قال: “نظرًا لأنّ وسائل الإعلام تتكون من أشخاصٍ أغبياءٍ، فلا يمكنها التركيز إلّا على شيءٍ واحدٍ، لذا علينا أنْ نغرقهم بسيلٍ من الأخبار المثيرة، وسيفقدون السيطرة على ما هو مهم حقًا، بانج، بانج، بانج، ولن يتعافوا.
ومضى قائلاً إنّه لهذا السبب، يُلقي ترامب بمقترحاتٍ غير واقعية مثل شراء غرينلاند، واحتلال بنما، ونقل الفلسطينيين إليها، لأنّه يعلم أنّ وسائل الإعلام ستنشغل بهذه العناوين، بدلاً من التركيز على التغييرات الجذرية التي تحدث داخل الحكومة الفيدراليّة الأمريكيّة.
وشرح الكاتب أنّه بينما تنشغل وسائل الإعلام برؤية ترامب لغزة، يجري في واشنطن تفكيكٌ منهجيٌّ وسريعٌ للحكومة وأجهزة الاستخبارات الأمريكية.
وتابع قائلاً إنّه خلال الأسبوعين الماضيين، سيطر إيلون ماسك وفريقه على أنظمة البيانات الماليّة الأمريكيّة، ألغوا بروتوكولات أمنية حساسة، وطردوا مسؤولين كبارًا، وأغلقوا وكالة حكومية كاملة بميزانية تساوي 0.25% فقط من ثروة ماسك الشخصية.
بالإضافة، أوضح أنّه في المقابل، لجأت ست وكالات حكومية إلى المحاكم التي أصدرت مذكرات توقيف ضد ماسك وترامب، لكن ذلك لم يوقف خطة الملياردير الطموح، الذي يواصل تفكيك المؤسسات الفيدرالية، مدفوعًا بأيديولوجيته التحررية الجديدة وسعيه لزيادة سلطته وثروته بطريقة غير مسبوقة.
وحذر الكاتب من أنّ إحدى أخطر التطورات تتمثل في الهجوم على وكالات الاستخبارات الأمريكيّة، فقد أرسلت إدارة ترامب رسائل بريدٍ إلكترونيٍّ إلى جميع موظفي مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية، تعرض عليهم التعويض مقابل الاستقالة، في خطوة تهدف إلى إضعاف الأجهزة الأمنية، على حدّ تعبيره.
وشدّدّ الكاتب الإسرائيليّ على أنّ الأمر لا يتوقف عند ذلك، بل يطالب ترامب الآن بكشف هويات العملاء الفيدراليين الذين حققوا في أحداث اقتحام الكونغرس في 6 كانون الثاني (يناير) من العام 2021، ممّا يعرضهم وعائلاتهم لخطرٍ جسيمٍ، وفقًا لأوامر قضائيّةٍ تحاول وقف ذلك.
كما أشار الكاتب إلى أنّه حتى داخل البيت الأبيض نفسه، هناك مسؤولون لا يعلمون ما الذي سيفعله ماسك لاحقًا. فقد نقلت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكيّة عن مصادر داخليةٍ أنّ ماسك يتمتع بمستوى من الاستقلالية، ولا يمكن لأحد السيطرة عليه، وهو ما يجعله الرئيس الفعليّ، بينما ترامب يُوفِّر له الغطاء السياسيّ.
وأكّد داسكال أنّ ما يحدث اليوم في واشنطن ليس مجرد صراع سياسيّ، بل هو إعادة تشكيل جذرية للحكومة الأمريكيّة، قد تؤثر ليس فقط على مستقبل الولايات المتحدة، ولكن أيضًا على الأمن العالميّ، بما في ذلك إسرائيل.
وخلُص الكاتب الإسرائيليّ إلى القول إنّه إذا كان ترامب وماسك يمضيان في تنفيذ رؤيتهما المتطرفة، فإنّ العالم سيواجه عصرًا جديدًا من الفوضى السياسية، حيث تتحكم الشركات الكبرى في الدول، وتُفكك الحكومات لمصلحة القلة الأكثر ثراءً، على حدّ تعبيره.
زهير أندراوس