أدب وفن ،، مصارعة الفقر- محمد ولد سيدي

سبت, 02/29/2020 - 02:05

مصارعة الفقر
أمضى سنوات ، امشعشع، يجري وراء الملذات، لم تذكر " خرطة " في حي من أحياء العاصمة، إلا وحل بها،لا يلبس إلا آخر موديل من أزبي، و آخر نعل من فاني، و أقمصة إيطالية، وعطر باريسي، وسيارة لاهي بالقديمة، ولا هي بالحديثة، براقة، تتلألأ، كخيوط الشمس في رائعة النهار...
أحمد مهندس معلوماتية ، هو آخر أصدقائه لم يدخل معترك قفص العلاقات الزوجية، تخرج من جامعة محمد الخامس في المملكة المغربية، أخذ حظه من الفراش، ردحا من الزمن، عمل عقدويًّا ،في البداية مع إحدى شركات الأتصالات، ثم أجرى إمتحان لوزارة الشاب والرياضة، ونجح متفوقاً ،وصار يتقاضى راتبا شهريا يبلغ مائة وخمسين ألفاً أوقية .
ولما بلغ بلغ أشده، بدأ أحمد يفكر في نمط آخر من أنماط الحياة،، أحمد يخاطب أمه زينب: ماما، أنا سأتزوج .زينب: نعم يا بني، كم أنا سعيدة، بهذا الخبر، حلم طالما انتظرته، والآن بما أنك، فاجأتني، بهذا الخبر السعيد، لن أقول لك، إذهب الى بنت فلان، أو بنت فلان، أحمد: ماما، ولو قلت إذهب الى فلانة، أو فلانة، لن أذهب، أنا سيد نفسي في هذا المجال، وكول المثل: المزينة مخليأ " ،ماما: الرجل يجب أن يختار شريك حياته، وفق معايير معينة، الأخلاق، والوعي، والعقل، ويجب أن يبتعد عن المعايير التقليدية، القرابة والجمال ، ، ماما بني :إفعل كما يحلو لك، أوافقك، أسرع، تزوج، المنزل صحراء، مريم، وخديجة ذهبن مع أزواجهم...
بني متى ستتزوج؟ أحمد نهاية الشهر الثالث بإذن الله تعالى، مع رقية بنت التهامي...ماما: بني حبذا لو أوضحت لي نسبها، ؤشدكون، من أهل الكبلة، والل الساحل، والل الشرق، أحمد، نحن في هذا الزمان لا نسأل عن النسب ولا الجهة ولا الحسب، تلك أمة تجاوزها التاريخ، ألم أقل لك، أننا جيل ألفيس بوك، الذي حطم الأغلال الإجتماعية، ماما أنت تعترضين على اختياري، سأهاجر، لا ،لا بني، لا أعترض على إختيارك، ولا تفكر أبدا في الهجرة، غنيًّا كنت، أو فقيراً .
أحمد، ماما أبلغي الطافلات، خديجة و مريم، سأعود اليكم بعد ساعتين، أي السادسة مساءًا .
ذهب أحمد الى المقهى التونسي بالعاصمة، تصفح هاتفه، وأرسل رسائل الى زملائه يعقوب ومحمد ويوسف وامبارك و كولبالي و جلو،،،رد عليه كل الأصدقاء بالتبريكات، وعظيم الآمال...أحمد يعيد الرسالة لأصدقائه يوم الأحد ستقضون معي عطلة نهاية الأسبوع....قبل الأصدقاء الدعوة الكريمة...
عاد أحمد الى الدار، فوجد الأخوات في رقص قبل الرقص، وماما تلقي صافرات الزغاريد، وكأن المناسبة بدأت، إزداد أحمد فرحاً،وهن ينادينه، بلقب، لعريس، لعريس،،، وقعت الأسرة الكريمة خريطة المناسبة، والذهاب الى أسرة رقية في عرفات بالعمود السابع عشر، لم يجدوا صعوبة، لا في الشروط ولا في الرفض ،أحمد هو الآخر يرسم هندسة المناسبة مع زملائه، بعد يوم من اللعب والمرح وتذكار الماضي وأيام الصباء والدراسة في ثانوية البنين وجامعة محمد الخامس...
عادت زينب، وبناتها و أفراد العائلة الكبيرة الخالات والعمات و المسنين،،،اتفقوا على يوم المناسبة 4/4/2018 بعد العقد مباشرة أحمد وزوجه سيبيتون ليلتهم الأولى في لاس بالماس ،والبقية سيمضون في الإنعشات الموسيقية حتى منتصف الليل في قاعة المحيط قرب قصر المؤتمرات .
أمضى أحمد أسبوعا في لاس بالماس ثم عاد الى دار أهله،،بدأت رقية في تقسيم الأفراج من حلي و أكسسويرات، ونعال و عطور على الأم، وبناتها، وشجرتهن في النسب، ماما: تقول لها: يا بنيتي: خذي الشراب، كأسك، ورقية تسترسل في سياحة المناسبة هناك حتى سويعات متأخرة من الليل..
في الصباح الباكر، عاد أحمد الى مزاولة عمله، موظفا عاديا، وفي كل يوم تفاجؤه رقية الليلة إسم صاحبتي لابدالها من كضو، يقوم أحمد يفتش، في ثنايا جيبه، أو يذهب الى متجر فيقترض عنده مبلغا بالمرابحة، وبعد يومين، يتكرر السيناريو، صاحبتي لاهي تزوج، لابدالي من كضو،،، أصيب أحمد بالإرهاق والتعب ولم يكن في حسابه من نقود ش تتحاذ بيه النملة،،،
مع مرور الزمن لم يعد أحمد يكترث بهندامه، ولا رأسه، وتحول العطور الباريسي، الى رائحة أنتن من الجيفة، حتى زوجه بدأت تتضايق من رائحته، وترميه بنظرات قاتلة،ولما إنقلبت حياته الى جحيم، بدأت تقضي جل أيامها مابين أهلها و صديقاتها ممن يعاودن المقاهي،،،وفي يوم من الأيام دخلت رقية على زوجها يقص سلوكها على أمه، وتكليفها له بما لا يطيق، وكأنه يستشيرها على الطلاق، لكن الأم رفضت، وعاتبته قائلة: لم تستشرني في زواجك، وتوجيهك، والطلاق، لم أقل لك طلق، ولكن فكر كيف تدبر أمرك، دون أن تفترق مع من أحببت،،،والغريب مافي الأمر أن أحمد كلما قص فلماً من حياة زوجه على أمه، يتفوه ب " كضو " ،ماما تسأل ابنها أحمد: بني، هاذي كضو الل للا كلمتين تغلط بيه شنهي؟ عاكل اعليه؟ ، أحمد: ماما: زوج كل ليلة تقول أنها تريد " كضو " لإحدى صديقاتها، إما عرسا،أو إسماً،أو كيص ...ودخلت رقية على زوجها على حين غفلة، وهو يستطرد حياتها لأمه ، وبالصدفة تزامن دخولها مع قول ماما أم أحمد: هي كاع اللا كضو، كل ليلة لابد من كضو،،،اشتد غضب رقية وباتت ليلتها عند أهلها، ولم تبلغهم عن الأسباب، اقترض أحمد كعادته ثلاث مائة ألفا بربح 100% في أقل من شهر ثم أعاد رقية الى المنزل وأمه دون علم الأخوات.
عادت الحياة الى طبيعتها في المنزل الذي لم يعرف الهدوء من قبل خصومة وشحناء وغضب وقليلة من الإرتياح.
أحمد: يفكر في الغربة، أو الغوص في طبقات الأرض بحثا عن الغنى، ماما، أبي رحمة الله عليه، قال لي يوما لا تؤمن باليأس، أنا سأكون غنيا لامحالة، سأسعدكم، وأسعدنفسي، سأحول مآسي الى نعم، ماما أنا قررت الذهاب الى الذهب بكرة، أخذت عطلة أسبوعين، وسأستغلها في تحقيق أمالي...وذهب أحمد الى صحراء تيرس، مع فريق من 15شخصا بمعدات تقليدية، في يومه السابع وجد أحمد مايناهز 700000أوقية ثم عاد ،وعاش أيامه الأولى قبل مسلسل " كضو" ،ولشدة رغبته في الغنى عاد أحمد وفريق آخر الى اكليب اندور، رفقة أخو زوجه سليمان، ولكن هذه المرة لم تسلم الجرة،، ماما تحدس، ولم تستطع النوم، استيقظت كالعادة في ثلث الليل الأخير، وبدات تتعبد الى صلاة الفجر، ماما تنادي: رقية ،رقية، أنت حمدات ماتلفن لك، آن لنهارين ماريتو، رقية،: مانل ماتلفن لي، حت المصطفى ماتلفن لي، صاحبو الل امش امعاه.
رن هاتف ماما، وهي ترتشف كأسا من الشاي الثامنة صباحا، علو ،ذيك والدت أحمد، لم تتمالك ماما روحها، فسقطت أرضا، وأصيبت بدوار، أمسكت رقية الهاتف، نعم تفضل، اللا صاحب أحمد، ذرقم أحمد، يغير هو طاح اعليه غار، هو ؤصاحبو، ونكيفن اكلعناهم من يامس، تسقط رقية ملقاة على الأرض، وتصيح ماتو، ماتو، جاء الجيران وذهبوا ب ماما الى المستشفى، عندها التحق بهم بناتها حتى تجاوزت مرحلة الخطر عدن بها الى منزلهم في جو مأتمي صعب، بينما عادت رقية الى أهلها لا تلوي على شيء، ثكلى، تعسة لم تقيدها أيام البذخ ولا القيود الإجتماعية.