العرب..من الثلاثيات المحرمة في الخرطوم الى الثلاثيات المقدسة بالمملكة العربية السعودية- محمد ولد سيدي كاتب صحفي

أربعاء, 05/29/2019 - 06:55

مرت 52 سنة على قمة اللاءات الثلاثة في العاصمة السودانية الخرطوم التي عقدت في 29 أغسطس 1967 على خلفية هزيمة عام 1967 أو ما عرف بالنكسة. وقد عرفت القمة باسم قمة اللاءات الثلاثة حيث خرجت القمة بإصرار على التمسك بالثوابت من خلال لاءات ثلاثة:
لا صلح ، ولا اعتراف، ولا تفاوض مع العدو الصهيوني...
في ظل أجواء لا تقل ألماً عن عام النكسة سنة 1967 ، ها هو التاريخ يعيد نفسه من جديد، ثلاث قمم تنعقد في أقدس المقدسات الإسلامية مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية.
في قمة الخرطوم تخلفت الجمهورية العربية السورية وحدها من جميع الدول العربية، وفي ظروف مشابه جل الإحتمالات ترشح فرضية غياب القطر السوري الجريح.
في قمة الخرطوم الرابعة لجامعة الدول العربية العدو الأوحد للعرب الذي انعقدت من أجله قمة اللاءات الثلاثة هو إسرائيل.
ثلاثي قمم الحرم المكي، مؤتمر جامعة الدول العربية، ومؤتمر مجلس التعاون الخليجي، و مؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامي ضد تصاعد النفوذ الإيراني والخطر الذي يهدد الأمن القومي العربي بصفة عامة و دول مجلس التعاون الخليجي بصفة خاصة.
بعد إحدى عشر سنة على مؤتمر الخرطوم أتت الرياح بما لا تشتهي السفن تم الإعلان توقيع اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل في 17 سبتمبر 1978 بين الرئيس المصري محمد أنور السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحم بيجن .
في ظل أجواء مشحونة بالصراعات البينية، وفي ظل الإفتقار الى لخلق سياسة إقليمية ناجعة ، تحول الخطر على الأمن القومي العربي من إسرائيل الى بلاد فارس حديث المد الشعبوي الشيعي المناوئ للأنظمة السنية الحاكمة في جميع الدول العربية، وانقلبت المعادلة 100% إسرائيل تتحول الى صديق رحيم، والعلاقات مع إسرائيل لم تكن من المحرمات، والتطبيع معها موضة سياسية...فما هو مستوى التعاطي مع النظام الإيراني في قمم الحرم المكي الشريف؟
لن تصنع قمم الحرم المكي الثلاثة المعجزات، لأن المواقف العربية نختلف من قطر الى آخر، مواقف تغذيها القطبية المحورية ، فالكويت ، وسلطنة عمان، وقطر محور متحالف مع إيران الى جانب اليمن والعراق ، و المملكة العربية السعودية و البحرين و دولة الإمارات العربية المتحدة محورا آخر مناوئ لإيران سيظل الخلاف السعودي قائما مع الفرس مهما بلغت الظروف لعوامل مذهبية و حضارية بصرف النظر عن النفوذ الإقليمي في المنظمة والرغبة في الزعامة على المنظمة الإسلامية.
إن أرض الرسالات رغم سعة مساحتها الجغرافية، وكثافة سكانها ، وموقعها الإستراتيجي، وكثرة مواردها الطبيعية، و توفر كل دعامات الوحدة ، من لغة، ودين ، و إمتداد مطوقة بثلاث قوى مؤثرة و نافذة، هي إسرائيل و تركيا و إيران، فالأولى تلك التي إغتصبت الأراضي العربية المحتلة في فلسطين عنوة وخاضت معهم ثلاثة حروب خرجت فيها منتصرة، والثانية تركيا التي تلتهم من اليمين واليسار في العراق وسوريا وتتمدد أساطيلها في كل من قطر و السودان ومنطقة القرن الإفريقي، والثالثة إيران التي نودي على الحشد ضدها، وهي التي بسطت نفوذها في كل من بلادها بلاد الرافدين و الشام فهل سيكون لقمم الثلاثيات المقدسة نجاح يذكر مادام الخلاف حول إيران غير متفق عليه و مرفوض هنا ومقبول هناك ، شأنه في ذلك شأن الموقف من إسرائيل اليوم والأمس عدو وصديق في نفس الوقت، ومادام الخروج على الثوابت و المقدسات من جزءا من المبيحات التي تفرضها الظروف الإقليمية والدولية معا.
إيران ليست بقرة حلوبا، للولايات المتحدة الأمريكية، ولا للقوى الإمبريالية العظمى، وستبقى قوة يحسب لها حسابها في الشرق الأوسط، و سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية ضدها، تحاورها إذا احتلت، أو هددت، وتمد لها غصن الزيتون، في السر والعلن، وتتقاسم معها كعكة العرب؛ تختلف كل الإختلاف مع ما تتخذه مع الدول العربية الوازنة، تحتل ماشاءت أن تحتل، وتضرب ماشاءت أن تضرب، وتحاصر من تشاء، وتقتطع من تشاء من الدول العربية من العراق الى سورية فاليمن وبالتالي فإن حمام الطائرات المسيرةالتي حلقت في فضاءات بعيدة المدى لدى جماعة الحوثي ماهو إلا مثالا بسيطا على القوة الرادعة التي يمكن أن تخفيها إيران إذا ما وقعت مواجهة مباشرة مع دول التحالف العربي التي مازالت عاجزة أن تقضي على جماعة واحدة من خلايا محسوبة على إيران منذ أزيد من ثلاثة سنين.