حكاية مع شعب - محمد ولد سيدي

سبت, 03/23/2019 - 12:56

حكاية مع شعب ! - محمد ولد سيدي
أكره التدوين في السياسة هذه الأيام، ولكن، سخونة المشهد، والبلبلة في التحولات، وتسارع المواقف يفرض إبداء الرأي.
الأحزاب السياسية في موريتانيا تنقسم الى قسمين، الموالاة، والمعارضة، وما يطلق عليه ، مصطلح المعارضةالمعتدلة، أو المحاورة، أثبتت المعطيات قبل الإنتخابات التشريعية والبلدية، أنها أقرب الى الموالاة، منها الى المعارضة، فبعضها ائتلف مع حزب الأتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، وانصهر فيه، بكل ما يملك من نواب، وعمد ، ومستشارين، وبعضها، انخرط مع أحزاب من الموالاة في بعض الترشحات، و الأشواط المكملة من التشريعيات والبلديات .
منذ الشوط الثاني من 2007 ، ولاحقاً سنة 2008 ، وفي عهد الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبدالله، تذوق قادة من المعارضة طعم التعايش، مع السلطة، والليونة في التحاور، وبالتالي فإن الموقف، " الكلبيتاوي " الذي اختطه حزب التحالف الشعبى التقدمي آنذاك، ولحق به حزباَ ، التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل " و اتحاد قوى التقدم، والوئام ، ثم كتلة المعاهدة، والمعارضة المحاورة، كل هذه المسميات للإستهلاك السياسي، والدوس على عقول الأبرياء، منطق المماحكات السياسوية يقول أنه لا توجد إلا ثنائية واحدة، المعارضة/ الموالاة، ولا توجد معارضة معتدلة، كما لا يوجد موالون معتدلون ، فهل سجل التاريخ موقفاً مغايراً لسياسات الحكومات المتعاقبة، سواء ما تعلق بالقضايا الخارجية، أو بعض القضايا الوطنية ، أو سمعنا بتصادم ، أو اختلاف بين رئيس وزراء ، أو وزير في الحكومة ، أو رئيس حزب في حكومة ، انتقد سياسة السلطة ،أو احتج عليها، أو قدم استقالته ، أو انسحب من الإئتلاف، أو الشراكة ... زيارة الوزراء الإسرائيليبن ل نواكشوط ، و أرتفاع الأسعار، أو ضعف الخطط الإستراتيجية لتنمية الريف، وتدني الأجور ، مواقف ، وقضايا ، بوركت من هؤلاء الذين يطلق على أنفسهم قادة سياسويون ، منهم من يعتبر اليوم ، أمير المؤمنين بعدله، وورعه، لا ينام حتى يطمئن الراعي على قطيعه ، ومنهم من يعتبر مهاتير محمد، ومنهم من يعتبر، لي اكوان يو... إن من أخذوا تجربة من تقاسم الريع، والتخندق في الطرف المناوئ أظهرت الأيام أن تلك المواقف ليست إلا لهدف واحد، وغاية واحدة هي ، الشِّركَة ، والشراكة مع الحاكم، فمن رشح رئيس وزراء فشل في استغلال ثروات هائلة، وفشل في محاربة الفساد، حري به أن ينضم لنظام اتخذ من محاربة الفساد، شعاراً ، و أنجز مشاريع،ملموسة، وحقق نجاحات في الداخل والخارج معا ً ، فإذا كان الإعتدال هو العجز فإن "الكلباتيين " على حد سواء محقون في قراراتهم .
إن مجتمع التغير السريع، لا يطمح، لمصلح إجتماعي، بقدرما يطمح ، لمصالح شخصناتية ، جهواتية ، والرئيس الأحدث، هو ضالة الوطن، و كل من قبله، مفسد، و مدمر ، و مخرب، هكذا علمتنا التجارب، وسيرورة تاريخ بلاد المليون شاعر، والمليون مبادرة، والمليون نشيد ، ومليون شيخ ، والمليون وجيه ...
لقد آن لمجتمع الملايين هذه، أن يدرك أن الأمم برجالها، لا بثرواتها، فما قيمة الثروات إذا لم تستغل استغلالاً حقيقيًّا ، شفافاً ، فاليابان، وسنغفورة، وماليزيا، وإثيوبيا، و رواندا، لا تملك ثروات باطنية، وبعضها، بلا شواطئ، إلا أنها في طليعة الدول المتقدمة، أو الصاعدة...هذا لا يعني أننا لا نملك رجالاً ، نعم، نملك رجالاً ، و لكن ، نفتقر الى الإرادة الحقيقية للإصلاح ، فأبرز دواعي الإصلاح ، و ثمرات الإصلاح، هو الإبتعاد عن استغلال النفوذ، نفوذ المنصب، ونفوذ الأقارب، والتساهل مع الأقوياء، و التضييق على الضعفاء، و أهل مكة أدرى بشعابها، فحتى لا يحتسب البعض أننا نقصد عمراً ، من زيد، فإن هذه قواسم مشتركة من أول جيل، الى آخر جيل منح الحكم، أو حكم بالرصاص، أو بالصناديق.
موريتانيا- متصالحة- مع ذاتها- تجمعنا./.